غزة/ سماح المبحوح:
أجمع مختصون بشؤون الأسرى أن مقترح وزير الأمن القوي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الجديد القاضي ببناء سجن محاط بالتماسيح لمنع هروب الأسرى، ليس غريبا عليه ، فهو يأتي في سياق الإجراءات العقابية المشددة التي فرضها عليهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ضمن حملاته الدعاية الانتخابية التي خاضها سابقا وسيخوضها في الانتخابات القادمة، لكسب أصوات المستوطنين.
وتوقع المختصون في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال" أنه في حال حصل بن غفير على تمويل من شريكه في الحكومة وزير المالية سموتريتش، فإنهم قد يستطيعون بهذا التحالف أن ينفذوا المشروع، مشيرين إلى أن المقترح لن يضر الأسرى، فالسجون مؤمنة بشكل كبير، حيث هناك مئات الحيوانات البشرية من جنود الاحتلال، والوسائل الالكترونية ووسائل الحماية والتحصينات المشددة التي تمنع هروب الاسرى كما يدعي الاحتلال.
ونقلت القناة الـ 13 الإسرائيلية، أن إدارة السجون تدرس بناء سجن أمني جديد محاط بالتماسيح، وفق مقترح قدمه وزير الأمن القوي إيتمار بن غفير، خلال اجتماع تقييم تجريه إدارة السجون
وأفادت القناة بأن السجن، وفق مقترح بن غفير، سيُبنى في منطقة "حامات غادر" في الجولان السوري المحتل، في حين ستجلب التماسيح خصيصا إلى السجن وسيبنى سياج توضع فيه لمنع هروب السجناء.
وأكدت القناة الإسرائيلية أن مقترح بن غفير قوبل بالسخرية من قبل عدد من ضباط الشرطة، إلا أن إدارة السجون بدأت بدراسة إمكانية إنشاء مثل هذا السجن.
وفي السياق، كان موقع "والا" الإسرائيلي أفاد في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري بارتفاع غير مسبوق في وفيات الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية منذ تولي بن غفير وزارة الأمن القومي في .2022
ويتباهى بن غفير بالإجراءات المتشددة التي اتخذتها ادارة السجون الإسرائيلية من توليه منصبه وتشديد ظروف الأسرى، ضمن تزايد الجرائم ضدهم وحرمانهم من حقوقهم.
ومن بين الإجراءات المشددة، منع الزيارات وتقليل الغذاء وفرص الاستحمام في السجن، بحسب مؤسسات حقوقية فلسطينية.
يذكر أن بن غفير وحزبه "عوتسما يهوديت" (القوة اليهودية) يدعمان مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الذي صوت الكنيست في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالقراءة الأولى عليه.
وينص مشروع القانون على أن الشخص الذي يتسبب عن قصد أو بسبب اللامبالاة في وفاة مواطن إسرائيلي، وعندما يتم تنفيذ الفعل بدافع عنصري أو كراهية ولإلحاق الضرر بـ"إسرائيل"، فإنه يجب أن يواجه حكم الإعدام، كما ينص على أنه لا يجوز تخفيف عقوبة من صدر بحقه حكم نهائي بالإعدام.
ويأتي هذا الطرح في سياق تشديد السياسات الإسرائيلية تجاه الأسرى الفلسطينيين، الذين يزيد عددهم على 9 آلاف أسير وفق إحصاءات 2025، وسط تصاعد وتيرة الاعتقالات منذ الحرب على غزة.
وأثار الاقتراح موجة انتقادات داخل "إسرائيل" وخارجها، إذ اعتبره حقوقيون انتهاكاً صارخاً لمبادئ حقوق الإنسان، خصوصاً مع تقارير متكررة عن ظروف قاسية داخل السجون الإسرائيلية، تشمل سوء المعاملة والحرمان من الرعاية الطبية.
ويتزامن الجدل مع تبنّي الكنيست الإسرائيلي في قراءة أولى مشروع قانون يتيح فرض عقوبة الإعدام على من تصفهم "إسرائيل" بـ"الإرهابيين"، وهو مقترح آخر قدّمه بن غفير، ويُحتمل تطبيقه على أسرى فلسطينيين مدانين بتنفيذ هجمات.
دعاية انتخابية
مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى رياض الأشقر رأى أن مقترح بن غفير الجديد بشأن احاطة السجون بتماسيح لمنه هروب الأسرى، يأتي في سياق الدعاية الانتخابية التي يستعد لخوضها خلال الفترة القريبة، حيث يحاول الترويج لذاته على حساب الأسرى في سجون الاحتلال.
وأكد الأشقر لـ "الاستقلال" أن بن غفير بنى دعايته الانتخابية السابقة بالتحريض ضد الأسرى وتشديد العقوبات وظروف اعتقالهم، وسحب انجازاتهم وحقوقهم التي كانت موجودة قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول2023، لكسب أصوات الناخبين.
وأشار إلى أن بن غفير استغل خلال حملته الانتخابية السابقة السابع من أكتوبر، حيث نفذ زيارات متكررة للسجون والتباهي بنشر مقاطع فيديو تظهر إذلال الأسرى، والتأكيد على إدارة السجون بتنفيذ تعليماته بشأن تشديد العقوبات وإجراءات التنكيل بحق الأسرى.
ولفت إلى بن غفير يعيد ذات الأمر مرة أخرى من خلال تقديم مقترحات في محاولة إظهار نفسه كبطل إسرائيلي ينقذ دولته ويفعل ما يمكنه لتأمينيها وحمايتها، كما هي محاولة منه لتنفيذ وعوده التي قطعها على نفسه للناخب الإسرائيلي في الانتخابات الماضية للفوز مرة أخرى بالانتخابات القادمة، منوها على أن المجرم بن غفير لا يؤلوا جهدا لتقديم مقترحات وقوانين لحكومة الاحتلال والكنيست لتشديد ظروف اعتقال الاسرى وقتلهم وتضييق الخناق عليهم داخل السجون.
وفي وقت سابق، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يخطط لتقديم موعد الانتخابات العامة إلى يونيو/حزيران 2026، بدل من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته.
وشدد على أن المقترح ليس غريبا على حكومة الاحتلال لو تم ادراجه ضمن إجراءات تشديد التنكيل والعقوبات التي يمارسها ضد الأسرى منذ أكثر من عامين أي بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قائلا: إن " مقترح إحاطة السجون بحيوانات مفترسة في حال تنفيذه لن يضيف شيئا ولن يضر الأسرى، فالسجون مؤمنة بشكل كبير، حيث هناك مئات الحيوانات البشرية من جنود الاحتلال، والوسائل الالكترونية ووسائل الحماية والتحصينات المشددة التي تمنع عملية هروب الاسرى كما يدعي الاحتلال".
وأضاف:" واقع الأسرى وأوضاعهم المعيشية صعبة للغاية، يعيشون حالة طوارئ منذ أكثر من عامين، حيث حرموا من حقوقهم الإنسانية ومن زيارات المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر والمحاميين والأهالي، كما تمنع إدارة السجون كافة أشكال الحياة البسيطة التي قد تخفف عنهم معاناتهم".
ويُعرف بن غفير، زعيم حزب «عوتسما يهوديت» اليميني المتطرف، بمواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين، ودعواته المتكررة لتغليظ العقوبات وتشديد ظروف الاحتجاز، ما جعله أحد أكثر وزراء حكومة نتنياهو إثارة للجدل داخلياً ودولياً.
سياسة ممنهجة
الباحث والمختص بشؤون الأسرى، حسن عبد ربه، أكد أن مقترح بن غفير الجديد بشأن بناء سياج جديد محاط بالتماسيح، يأتي في سياق السياسة الممنهجة ضد الأسرى والأسيرات للنيل من عزيمتهم وصمودهم، ومحاولة واضحة في الاستمرار في حالة الاستهداف المباشر لكل مقدراتهم ومكانتهم وتعريضهم لمزيد من المخاطر.
وقال عبد ربه في حديثه لـ "الاستقلال" إن:" المقترح يأتي في سياق التغول والتوحش الإسرائيلي في استهداف الاسرى في سجون الاحتلال، فتارة يتم إيقاف الزيارات وتشديد العزل الانفرادي وفرض عملية الاخفاء القسري والاغتصاب، ومؤخرا إقرار قانون الإعدام، والجديد بناء سياج محاط بالتماسيح حول السجون".
وتوقع الباحث أنه في حال حصل بن غفير على تمويل من شريكه في الحكومة وزير المالية سموتريتش، فإنهم قد يستطيعون بهذا التحالف أن يطبقوا المشروع، وغيره بحجة اكتظاظ السجون بمقاتلين" إرهابيين" خطيرين، لذلك من الضروري تحصين السجون بشكل أكبر، بتجهيزات لوجستية والكترونية إضافية.
وأوضح أن بن غفير منذ توليه مسؤولية السجون وهو لا يذخر جهدا بالتفكير في مشاريع من شأنها أن تضييق الخناق على الأسرى وصولا لقتلهم، فبجانب احتجازهم في سجون تحت الأرض لا يرون فيه ضوء الشمس خاصة أسرى النخبة من قطاع غزة، فهو يوظف كل شيء ويعمل على تنفيذ خطوات تجعل حياة الأسرى على "المحك" خاصة خلال حملته الدعائية، حيث يعمل ما يستطيع كي يحصد أصوات غلات المستوطنين واليمين المتطرف لصالح حزبه في كل انتخابات تجرى في دولته.
بناء سجن محاط بالتماسيح
عقاب خارج الإنسانية: بن غفير يحوّل الأسرى إلى أدوات لكسب أصوات المستوطنين
تقارير وحوارات


التعليقات : 0